الخميس، 28 أبريل 2011

حكاية




دخلت فراشها مبتسمة... وهي تعلم ان مزيج المشروبات القابع الآن في معدتها سيحدث فيها مالا يحمد عقباه, لم يهمها الامر كثيرا فما حدث لها في الأسابيع الأخيرة كفيلا بأن يحبط أسوء احتمالات لما قد يقع الليلة , تمرغت فالفراش بانتشاء مبالغ فيه ناتج عن رغبة داخلية في الوصول لأقصى درجات الهذيان والسكر,أخذت تخلع ملابسها وتلقيها من حولها وعينيها شبه مغلقتين.. توقفت فجأة عن الحركة! واتسعت عيناها.. أخذت تنصت لحركته في أنحاء شقتها... صوت وقع أقدامه... عبثه بالثلاجة.... إدارة مقابض الأبواب... استخدامه للحمام.. ومن ثم صوت وقع أقدامه يقترب منها.... فابتسمت بزهو وأخذت تنادي عليه بدلال باسمه الخاص الذي اطلقته عليه كنوع من التدليل... لكنه لم يجيب وابتعد مجددا... وابتعد الصوت, بدأت في التملل و الزحف على السرير من أجل البحث عن زجاجة أخرى حول الفراش لكنها لم تجد ,فهي من رتب ونظف تلك الغرفة في الصباح من آثار الليلة السابقة... وحين ملّت تماما وشعرت انها ليس لها القدرة على فعل أي شيء سوى التعري والتقلب أخذت تنادي عليه مجددا , تارة بتدليل وتارة أخرى بصراخ وغضب وبكاء هستيري, فأقترب بخطوات بطيئة جدا...توقف عند باب غرفتها يتأملها بهدوء بالغ... فابتسمت عيناها ابتسامة مفاجئة وواسعة رغم احمرارهما ونظرت إليه بخجل طفولي وقالت" لم أستطع النوم".. أقترب منها بهدوء ولطف وجلس جوارها وأخذ يبعد خصلات شعرها عن وجهها ويمسح دموعها بكلا كفيه ... فاقتربت من ذراعه كقطة صغيرة , تعلقت بها واحتضنتها , وظلت تقاوم النعاس خوفا من ان تنام أو تغفو... خوفا من استيقاظها في نهار أخر... على نفس الفراش ... تحتضن وسادتها... ولا أحد فالشقة... لا أحد هناك ... فتدرك انه لم يكن أحد هناك في أي ليلة... هكذا هي منذ أسابيع.. منذ رحل.. تخاف النوم.. تخاف الحلم... تخاف من وجود رائحة بديلة... هكذا هي لا تنام أبدا.


فبراير 2010

الأربعاء، 27 أبريل 2011

مقــصلة عـــشق


احملوها

ادخلوها

الى حيث لاتدري

الى مقصلة عشق

تهوي.. على عنقها

فيسيل دماؤها

وينعم أميرها

بالسكرة الأولى.

**

على عرشه

بكى

كما بكت عيون العذراء يومها

بفرق انعدام الصدى

يتمتم بتعوذية ضد سحرها

ضد عطرها سالبه النوم

ضد عيون كانت له عاشقة

والعشق في ملكوته حرّم

وجرّم

وجرّمت

بقى

وفنيت

وما بقى منها سوى رائحة نهديها

العالقة في أنفه

**

صلــوات تتلى عليه

قالوا روحها

قالوا جنّ بها

يحوم كالمجذوم

يقبل المقصلة كل نهار

بألف قبلة

يعود كل ليل

كطفل مهزوم

نحو صندوق خشبي

يحوي جدائلها

يفوح عطرها في مسامه

يتخلله حتى نخاع عظامه

فتحرق خديه دمعتين

كدمعتين شقتا نهرين

على خدها المصفوع

يصرخ ويصرخ

وتتلى صلوات عليه

وعليها.

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

مــــــــــــــبرر



ترددت على عتبة باب المطبخ قليلا, فكرت أن تسأله ماذا يحب أن تطبخ له غدا, لكنها تراجعت, ليس لعلمها بالإجابة التي غالبا ما تكون " أي حاجة" أو "زي ما تحبي يا حبيبتي" أو " أي حاجة من إيديكي حلوة", لكن بسبب شعورها المقيت لوقع صوته الممل في أذنها , فقد قررت مؤخرا أن تتجنب خوض أي حديث معه حتى لو كان حديث يومي لا يحمل المجادلة أو النقاش, صمته الذي كانت تكرهه في بداية زواجهما بات محببا ورائعا لها الآن, حتى رحلات العمل التي كانت تكئبها قبل عامان من الآن أصبحت تترقبها باهتمام مبالغ فيه, أخرجت سيجارة من حمالة صدرها, وأخذت قداحة الموقد من على رف خشبي مثبت جانب الموقد, فتحت النافذة وجلست على غسالة الصحون أسفلها, كانت تفكر في الأسباب التي جعلتها تكرهه لهذا الحد, " يا الله مش طايقاه" وهي تعلم أنها لا تملك اجابات واضحة , لاشيء حقيقي وملموس , كلما تردد في عقلها إجابة "لاشيء" يزداد حنقها وغضبها أكثر , ويزداد كرهها له أكثر, هو لم يؤذها قط, يلبي طلباتها قيد المستطاع , يدللها احيانا بهدايا و ورود , تتأمل الورود الوردية الذابلة في كأس ماء موضوع على الرف وتفكر في التخلص منها فورا, حين أتاها بتلك الورود آخر مرة طلبت منه ألا يأتيها بورود مجددا, تعللت بأنها تذبل سريعا وهي لا تحب منظرها حين تذبل , أخذت تعصر مخها حتى تجمع صفاته السلبية فربما حينها يختفي شعورها بالذنب تجاهه ,"شكاك , مش صريح, هادي أوي وأحيانا عصبي أوي, ممل ودماغه فارغة , عايز ولاد كتير ", ابتسمت حين أدركت أن تلك صفات جميع الرجال الشرقيون دون استثناء, اسندت رأسها على الحائط وأخذت تحاول تلخيص أيامها معه, " بصحى الصبح بدري أعمل الفطار, يفطر هو وينزل الشغل , انام ساعة , أصحى أنظف البيت وأتفرج على التلفزيون لو الجو حلو أنزل السوق , أرجع أطبخ الغدا , يجي هو يتغدى وينام , أقعد انا عالنت او اتفرج عالتلفزيون أو أقرا لحد ما يصحى يقعد معايا شوية , نخرج ساكتين او نفضل في البيت ساكتين لحد آخر الليل" , ملل قاتل ! , تذكرت حين كانت تعمل في مكتب استشارات هندسية في بداية زواجها, كانت تشعر بأن لها حياة خاصة , أصدقاء ومعارف ومواقف ومشاغل , انتهى أمر عملها في يوم وليلة , ذلك اليوم عادت للمنزل بعد العمل أخبرت زوجها ضاحكة," تخيل فيه موظف جديد عندنا جه يسألني لو كنت مرتبطة عشان عايز يخطبني أنا لازم أضيق الدبلة بسرعة وأرجع ألبسها" , كانت تحكي له بحسن نية بالغة والضحك يملؤها, لم تكن تعلم أنها سيحكم عليها بالإعدام في تلك الليلة وستترك العمل بعد مجادلة بشعة انتهت بتخيرها بينه وبين العمل ولسذاجتها الغير متناهية اختارته , " وياريتني ما اخترته", أنهت السيجارة وألقت بها من النافذة وهي تتخيل أن تسقط على رأس أحدهم في الأسفل, هي تعلم أن بإمكانها الخروج كل يوم مع صديقاتها وتضييع وقتها في التسكع في المولات والمقاهي, لكنها تعلم أكثر انها لم تحتمل نظرة التأنيب التي ستظل عالقة على وجهه لمدة أيام متتالية دون أن يعاتبها بكلمة واحدة, نظرة حارقة أسوء من ألف شجار أو خلاف, "يارب ارحمني , يا تحببني فيه , يا تقولي كارهاه ليه؟ " , تذكرت كل أفكارها وأحلامها قبل الزواج , أيام الجامعة ,مناقشاتها السياسية والثقافية , موسيقاها المفضلة, سهراتها مع أصدقائها , عشقها لقراءة الفلسفة والتاريخ , الأماكن التي كانت تذهب إليها حين تحزن ,سلاسل من الذكريات اجتاحتها ودفعت بالدموع في عينيها, ذكريات ماتت وانسحقت وتففتت , لم يتبق منها سوى عصفور محصور في شقة واسعة مع جسد غريب تماما, "أتطلق؟ محدش من عيلتنا عملها قبل كدة.. يالهوي انا بقيت بفكر زي البنات الي كنت بتريأ عليهم", الطلاق حل فوري ومخلص , لكن ما مبرر الطلاق؟, ألا يكفي انه جعلني أترك عملي ؟! , وهل هذا المبرر سيكون كافيا ليسد أفواه عائلتي وعائلته, شعرت بأنها محاصرة دائما بالأخرين, ماذا سيقولون؟ ماذا ستكون ردود أفعالهم؟ , ماذا سيظنون؟ كيف سيفكرون؟ ,لكن ما تفكر فيه هي وما تريده وما تقوله أو تراه هو دائما في دائرة المستحيل وفي موضع الاستغراب , هي تعلم جيدا أنها لا ترغب في تكرار هذه الجلسة كل يوم لأسابيع وأشهر قادمة, لا ترغب في الجلوس على غسالة الأطباق في المطبخ بعد أعوام تحبس دموعها ويدور عقلها في حلقات وحلقات وحينها سيكون حولها سرب من الأطفال يبكون ويأكلون ويتبولون ويصرخون , " هعمل الي أنا عايزاه والي نفسي فيه مرة فحياتي, يمكن حياتي تتغير وأعرف أعيش", انطلقت منها آه طويلة غير مكتملة, غفلها مروره من أمام المطبخ ,توقف,و ألقاها بنظرة تفحص أربكتها , ابعدت خصلات من شعرها وراء اذنها" تحب أطبخلك أيه بكرة؟" , " أي حاجة من ايديكي حلوة يا حبيبتي".

الاثنين، 25 أبريل 2011

لــــــــــــــــيمون


باب شقته مواربا, تدخل وتغلق الباب ورائها,تتجه نحو غرفته, تجده جالسا على مكتبه يرتدي شورتا أسود , عاري الصدر في يده قلم وأمامه أوراق كثيرة متناثرة , تأخذ السيجارة المتدلية من فمه وتطبع قبلة على وجنته, تضع السيجارة على المنفضة وتلقي بحقيبة يدها على فراشه, تخلع حذائها وطرحتها, تصمت للحظات , ثمتخبره ان الجو حار جدا في الخارج فيجيبها بإيماءة من رأسه, تخلع ملابسها وتلتقط قميص له ملقي بجانب الفراش , ترتديه وتخرج للمطبخ , تضع ابريق الشاي على الموقد ,تعود للغرفة , تستند على الباب وتبتسم, يقترب منها , يمسك يدها ويقبلها , يشدها نحو صدره فتحتضنه بشدة..., يخبرها ان رائحة شعرها كرائحة الليمون فتتسع ابتسامتها

-دي ريحة الشامبو

- حلوة اوي.... الماية بتغلي..

تنسحب من حضنه وتتجه نحو المطبخ تأتي بكوب الشاي وتضعه عالمكتب, تستلقي على الفراش.. وتتعمد إظهار الوشم الصغير المرسوم أعلى ساقها... يقترب منها ويجلس على الفراش جانبها , يمرر أصابعه على الوشم ..

-نايس تاتو..

- عجبك؟

-اه جميل يا حبيبتي...

وبحركة سريعة يجلس فوق ساقيها , يفتح أزرار قميصها ويزيحه عن جسدها.., يلتقط القلم من خلف أذنه, يقبلها على عنقها ويكتب على بطنها " بحبك بس عندي شغل" , يقوم نحو المكتب ليلتقط بعض الأوراق, تحتضن وسادته وتتأمله وهو يرتدي ثيابه , يرتشف قليلا من الشاي , يلقي بقبلة لها في الهواء ويخرج , تتقلب قليلا في الفراش...,تتأمل الكتابة على جسدها, تلقي بالوسادة أرضا, تخرج أحمر شفاها من الحقيبة وترسم على المراية الصغيرة المعلقة أعلى المكتب قلب مكسور,تكمل كوب الشاي, ترتدي ثيابها وترحل.