الخميس، 19 يناير 2012

متتالية داخلية (2)


أخبرته انني لو أردت أن أكتب رواية كالتي يكتبها هو , مسجلا فيها تفاصيل حياة البطل الدقيقة التي هي تطابق بالفعل تفاصيل حياته لكانت روايتي تتحدث بالمقام الأول عنه , لا أعلم لما أرغب دائما في تسجيله على أوراقي , ربما ذلك يحدث بتلقائيتي التي ترغب دائما في إعطاء البراهين والإثباتات على حبي وتعلقي به , وكأنه يحتاج إلى كل تلك البراهين , وكأنه لا يعلم , ولأنني دائما لدي ذلك الشعور المبهم الغير مكتمل بأنه لا يعلم بالقدر الكافي, أظل أكتب عنه , رغم انه توقف عن الكتابة لي أو عني منذ زمن .

خمسة وأربعون جنيها , دفعهم أبي , ودفعني للجنون , خمسة وأربعون جنيها ثمنا لتذكرة سفر بالسوبر جيت , ذلك الباص الضخم ذو الخمسون كرسيا ,و الرائحة العفنة ,المنطلق من أسيوط نحو القاهرة , لم أكن قد ركبته من قبل , لكن خبر تعطل حركة القطارات المفاجئ جعلني مضطرة , او بالأحرى جعل أبي يقرر في لحظات ان علي ركوبه دون نقاش , ابي لا يدرك اني احتاج الى وقت لا يتعدى الدقائق حتى اعيد تنظيم ذهني الفوضوي كلما سمعت بخبر مفاجئ وكلما احتجت الى اخذ قرارات سريعة , بالطبع لن يتفهم أحد حالتي الذهنية المرهقة من ازدياد الفوضى بداخله ,والتي تجبرني على رسم مخططات وجداول وصفوف كلما احتجت الى التفكير في أي أمر ,. لكني لم أشرح ولم أفسر , لم أرغب في مزيد من الانتقادات , ولا أرغب _كما أخبرتني أختي _ ان ينفذ رصيدي عندهم_الأسرة كاملة _ , كل ما في الأمر انني لم أعد أرغب في السفر مرة أخرى , أعلم اني أعلنت ذلك مرارا وتكرارا , لكني أعود لأسافر تحت تشكيلة متنوعة من الضغوطات الأسرية التي لا أرغب في مقاومتها حاليا , لاني ببساطة لا أقوى على نتائج تلك المقاومة , لكني ما أدركه جيدا ان دفع أبي بي للجنون في ذلك اليوم ودفع باقي أفراد الأسرة بي للجنون على مدار سنوات طوال لن يدوم , لان صبري شارف على النفاذ , ان لم يكن قد نفذ فعليا , وما أفعله الآن هو محاولة مني لضغط وعصر تلك القشرة النفسية لاستخراج آخر قطرات الصبر التي اتوهم انها موجودة , منتظرة اللحظة التي ستعلن تلك القشرة فيها بفجاجة انه ليس هناك وجود لتلك القطرات , وان علي ان اواجه القدر فالحال , حينها سأسقط , لان الأمر لم يكن يوما متعلقا بالصبر , بل بالخوف .

النهايات تقترب , نهاية روايته التي تجسد فيها وتجسدت فيه , ولا أعلم ان كانت ستقوده لنهايته كما يقودها هو طوال الفصول اذا انهاها بالفعل بنحر البطل! , نهاية صبري , نهاية الاحتمال , نهاية المخاوف , كل شيء سلبي قد وصل لأقصى نقطة في منحنى مسيرته , وصل للقمة وبدأ في الفيضان , وكل شيء ايجابي قد وصل لأدنى نقطة في مساره , وأخد يحفر في أرضه الجرداء , أتأتي النهاية الفعلية بنزول كلمة the End من حيث لا ندري ويأتي الخلاص ؟

هناك 3 تعليقات:

ENg. Muhamed Battiekh يقول...

مع كل سطر يتقدم في تلك المتتالية
أتمنى شيئاً واحداً بشكل تصاعدي وصل ذروته مع آخر كلمة
نهاية الصبر
نهاية الصبر

ENg. Muhamed Battiekh يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
عمر عصام يقول...

المتتاليات النثرية تلك روعه في السرد